طالب اليوم دكتور الغد كناَ في يوماً ما على نفس هذا المقعد الذي يجلس عليه أبناؤنا،
لنستقبل المعلومات من ذلك المعلم ذي الشخصية المرعبة ذات الصوت المرتفع جداً والذي يعيق تفكيرنا أكثر من حركتنا
نحلم أن نرى ابتسامة لهذا المعلم ونعود من المدرسة ونحن محملين بالواجبات والتهديدات
للأسف كان الخوف أحد أساليب التعليم في ذلك الوقت ولكن ما يرسخ في ذهن الطالب هو
أخلاق وشخصية وأداء هذا المعلم أكثر مما كان يكتب على السبورة
فما كنت تحبه أن يكون في معلمك فافعله
لا تضف إلى تدريسك سنوات بل أضف إليها خبرات ولا تجعلها خبرة كربونية تكرر في كل عام فكلمة المعلم عند أبنائنا مقدسة لا نقاش فيهافقد ابتليتُ بمدرس لا يعرف الحب مدرس من أجيال عاف عليها الزمن كلما رأني في الطابور أمسكني من ياقة القميص قف بنظام أيها الفاشل ولا تتحدث في الطابور وإلا أخرجتك إلى المدير لتنال جزاءك أيها الفاشل .
فيسيطر على الخوف وأنظر إلى قدماي حتى لا أرى أحد من زملائي
شعور مهين جداً من معلم لا يعرف الإنسانية أصبحت منبوذاً بين الطلبة الكل يهرب من الوقوف معي والتحدث إليّ
و حين دخلت الفصل قررت أن أجلس وحيداً وأن ألتزم الصمت حتى لا أقع ضحية لكلماته النازية
ولكن مدرسي الفاضل لا يريد أن يتركني فطالبني بالوقوف وأن أقرأ له القصيدة الشعرية المقررة علينا في الشعر الجاهلي لعنترة
في البداية تلعثمت وارتبكت وتناثرت الكلمات مني كما ينثر عنترة رؤس أعدائه
فرفع معلمي العصا ليضربني فإذ بي أمسكها وأمنعه من ضربي
ويبدوا أنني اقتبست من عنترة شجاعته فعمّت الفوضى المكان وصرخ بصوت عالي
وبدأ يخرجني من الفصل ويرسلني إلي المدير ويتهمني بأني اعتديت عليه ويشهد عليّ بعض من زملاء الزور
لكن المدير كان حكيماً يحب الإنصاف ويسمع من جميع الأطراف فطلب مني الجلوس وقال لي ماذا حصل يا بني تحدث
قلت له في الطابور أهانني أستاذي أمام زملائي وفي الفصل حاول أن يضربني فأمسكت عصاته
فأنا لا أريد أن يصنع مني هذا الأستاذ طالب فاشل تفهم المدير الأمر وقرر نقلي إلى فصل أخر مع أستاذ مختلف
وها أنا الآن حاصل على الدكتوراة باللغة العربية حين نصادف مدرسين متميزين لابد أن نكون مبدعين.