خربشات مغترب في الغربة
كأن هذه الغربة لاتكفيها وحدتنا لتبعث لنا فيروس يحرمنا من مغادرتها كما اعتدنا .
تتسلل الكلمات لتغوص وتستقر في أعمق مكانٍ في القلب لتختزل المسافات بيننا،وتطوي ملل الانتظار لتصل الى الروح فتنعشها كوحيٍ بعد انقطاع تُسْعفناَ الذكريات دائماً عنَدماَ تأتيناَ بنَوبات الحَنين فهي تزرعُ مساحاَت كبيرةَ من الحبِ والونس لأَرواحناَ ، فقد تكون ذكرياتناَ أحداث عادية لكن حين نَستحضرهاَ نلبسها ثوباً من البهجة والفرح .
فالذكريات هي الشئ الوحيد الذي نُحيّه مَتَىٰ نَشاء ولكن بالطبع لا نحياَ عليها .
أتذكر في مثل هذا الوقت من كل عام أبدا أنا وعائلتي بتجهيز أنفسنا لقضاء إجازتنا الصيفية في وطننا بين الأهل والأقارب إخواتي و كل أصدقائي حتى جيراني أتعطش لرؤية الجميع حتى أني أخبئ الكثير من القصص والمواقف الطريفة التي تحدث معنا هنا في الغربة.
رغبة في اخبارها لكل من نحب فمنها نصنع مادة للحديث في ليالي السهر فتعلو ضحكاتنا وتزداد أصواتنا ابتهاجاً .
كم انتظرنا هذه اللحظات فكنا نصبر أنفسنا في غربتا على تلك الأيام ففي مثل هذه الأيام من كل عام تزدحم الأسواق بالمغتربين والعائدين للأوطان باحثين عن هدايا للأهل والأحبة فهم دائماً يحاولون إرضاء الجميع ، يريدون أن يقضوا الإجازة دون عتاب أو تقصير.
وأحيانا نستعين بأبنائنا ليذكرونا بمن أنجبت طفلاً جديداً في العائلة و ما الألوان التي تحبها جدتهم وجدهم فنحن لا نريد أن نحزن أحداً هذا العام ، فنسأل عن اشياءٍ وتفاصيلٍ كثيرة .
الحديث عن الأهل والأحبة يسعدنا فهو الحديث الذي نشتم به رائحة الوطن فيدفئنا هكذا كنا نشغل أنفسنا بأحبتنا.
نعم نحن نعيش في الغربة لكن أرواحنا في أوطاننا
ترتاحُ قلوبُنا حين نتكئ على ذكرياتِنا القديمة و أحيانًا تُرافقُنا الابتسامة لتمرر أشياءً ليسَ لها علاقةً بالفرح،
لرُبَما لها علاقةٌ بالحنينِ لبيوتِنا القديمة ومقاعدِنا على الطُّرقات،للجيرانِ والجاراتِ ،
للأغاني المهجورةِ التي نتوارثُها وندندنُها كمقطوعةٍ نادرةٍ فهي من الزمن الجميل.
قد تكون ُمقايسُ ذكرياتِنا لا تُناسبُ عصرَنا الحاضر لكننا نَحِنُّ إليها لنعيشَ ذكرياتِها هذه هي خربشات مغترب هذا العام .
وهذا مقال آخر بعنوان متى نشعر بالحنين إلى الماضي يتحدث عن النوستالجيا والذكريات .